طائر المحاكي الشمالي الأسم العربي: المحاكي الشمالي الاسم الإنجليزي : Norda mokbirdo الاسم العلمي : Mimus polyglottos المُحاكيّ الشِّماليّ هو النوع الوحيد من المُحاكيات شائعة الوجود في أمريكا الشماليَّة. وُصفت هذه الطيور لأوَّل مرَّة من قِبل عالم الحيوان السويدي كارولوس لينيوس في مؤلَّفه من عام 1758 حامل عنوان "النظام الطبيعي" (باللاتينية: Systema Naturæ)، وقد أطلق عليها حينها الاسم العلمي Turdus polyglottos المُختلف عن اسمها العلمي الحالي.
يُفرخُ المُحاكي الشمالي في جنوب شرق كندا، وفي الولايات المتحدة، وشمال المكسيك، وجزر الباهاماس والكايمان، والأنتيل الكبرى، كما تمَّ إدخاله إلى برمودا وجُزر الهاواي. تُستبدلُ هذه الطيور جنوبًا بأقرب أقاربها، ألا وهو المُحاكيّ الإستوائيّ. من الأنواع الأخرى القريبة أيضًا: مُحاكي سوكورو أو المُحاكي السوكوريّ، وهو نوعٌ مُهدد بالانقراض. على الرّغم من أنّ المُحاكي الشمالي طائرٌ غير مُميز من حيث الهيئة الخارجيَّة، إذ أنَّ ريشه أغبر رمادي وأبيض، لكنه اختير رمزًا لخمس ولايات في الولايات المتحدة، هي: أركنساس، وفلوريدا، والمسيسيپي، وتينيسي، وتكساس.
القسم الأعظم من الجمهرات مُقيمٌ مُفرخ عبر أغلب أنحاء موطنه، لكن الطيور الشماليَّة يُحتمل أن تنتقل جنوبًا خلال فصول الشتاء الأكثر برودة. عُثر على بعض الأفراد في هذه الطيور في أوروبا الغربيَّة في حالاتٍ قليلة نادرة، ويُحتمل أن تكون قد شردت عن ساحل أمريكا الشماليَّة أو حملتها عاصفة عبر المحيط الأطلسي.
هذا الطائر مُقلِّدٌ بارع يُكرر في المعهود عبارات محفوظة في كل أغنية. يُطلق عليه أحيانًا اسم "الهَزار الأمريكي" بسبب عادته في التغريد في الليَّالي المُقمرة. يشتمل قوته على الثمار العنبيَّة والثِّمار واللافقاريَّات، وهو يُدافع بقوَّة عن مصادر الطعام الجيّد ضدَّ الأنواع المُنافسة جميعها. ومن عاداته المألوفة التي لم يوجد بعد تفسير مقبول لها: إيماضه بجناحيه، إذ يقف أثناء عدوه على الأرض ويرفع مُتعمِّدًا جناحيه وينشرهما نشرًا جزئيًّا. يُصنِّف الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة هذه الطيور على أنها غير مُهددة على الإطلاق.
الوصف المُحاكيات الشماليَّة مُحاكياتٌ متوسطة الحجم تتمتع بقوائم وأذيال طويلة، وبأجنحةٍ قصيرة ومقوَّسة. ريشُ هذه الطيور رماديّ أو بني ضارب للرمادي على القسم العلوي من الجسد، أمَّا قسمها السفلي فأبيض أو رماديّ ضارب للبياض. تتمتع بأشرطةٍ جَناحيَّة مُتوازية على النصف المُتاخم لأجنحتها يتصل بلطخةٍ بيضاء على الجناح تظهر أثناء التحليق، كما هو حال ريشات الطيران المركزيَّة السوداء، وتلك النمطيَّة البيضاء. القزحية خضراء مُصفرَّة أو صفراء في العادة، غير أنَّها تظهر بُرتقاليَّة عند نسبةٍ قليلة من الأفراد. المنقار أسود، ويبدو للناظر وكأنَّه ضارب للبُني على قسمه السفلي. الفراخ مُقلَّمة الظهر وتمتلك بُقعًا وتقليماتٍ أخرى على صدرها وقزحيَّة رماديَّة أو خضراء ضاربة للرمادي. يتراوح طول جسد المُحاكيات الشماليَّة بين 20.5 و28 سنتيمترًا (بين 8.1 و11 إنش) بما فيه الذيل الذي يقرب في طوله طول الجسم. يتراوح باع الجناحين بين 31 و38 سنتيمترًا (12–15 إنشًا)، والزنة بين 40 و58 غرامًا (1.4–2.0 أونصة). تميل الذكور لأن تكون أكبر من الإناث بقليل
السُلالات هُناك ثلاثة سُلالات مُعترفٌ بها من هذه الطيور. كذلك هُناك سُلالات مُقترحة من جزر الباهاماس وهايتي، توضع حاليًّا ضمن السُلالة orpheus (المغراء).
السُلالة النمطيَّة (M. m. polyglottos): توجد في العادة بالقسم الشرقي من أمريكا الشماليَّة، ويمتد نطاق موطنها من سكوشا الجديدة (نوڤا سكوشا) إلى نبراسكا في الشمال، وصولًا إلى تكساس وفلوريدا جنوبًا.
السُلالة الغربيَّة (M. p. leucopterus): توجد عادةً في القسم الغربيّ من أمريكا الشماليَّة، ويمتد نطاق موطنها من شمال غرب نبراسكا وغربي تكساس إلى ساحل المحيط الهادئ، وجنوبًا حتى المكسيك (برزخ تيخوانتپيك)، وجزيرة سوكورو. أكبر حجمًا من السُلالة النمطيَّة، وذيولها أقصر بعض الشيء، وقسمها العلوي أكثر اصفرارًا وبُهتانًا، كما أنَّ القسم السفلي يتمتع بصباغٍ مُصفرّ بُرتقالي أكثر من السُلالة سالفة الذِكر.
السُلالة المغراء (M. p. orpheus): يمتد نطاق موطنها من جزر الباهاماس إلى جزر الأنتيل الكبرى، ويضم أيضًا جزر الكايمان والجزر العذراء. تتشابه والسُلالة النمطيَّة غير أنَّها أصغر حجمًا، ونصيبها من اللون الرمادي على ظهرها أخف، كما أنَّ قسمها السفلي بالكاد تظهر عليه أيَّة لطخات مُصفرَّة.
الموائل الطبيعيَّة يُمكنُ العُثور على المُحاكي الشمالي في المناطق المكشوفة وعلى حواف الغابات. وغالبًا ما يُمكنُ رؤيته في المزارع وعلى جوانب الطرقات وفي مُنتزهات المدن والضواحي والأراضي العشبيَّة المكشوفة ذات الآجام والصحاري ذات الأشجار القمئيَّة. أكثر موائلها تفضيلًا عند بحثها عن الطعام هي الأراضي قصيرة الأعشاب أو حدائق المنازل والحدائق العامَّة مقصوصة العشب. تمتنع هذه الطيور عن سكن المناطق الغابويَّة الكثيفة
الموطن يمتد موطن تفريخ المُحاكي الشمالي من المُحافظات البحريَّة لكندا غربًا حتى كولومبيا البريطانيَّة، ويشمل كل الجزء القاريّ من الولايات المتحدة وأغلب المكسيك، وصولاً إلى شرق ولاية واهاكا وولاية ڤيراكروز. القسم الأعظم من الجمهرات مُقيم دائم في هذه الأنحاء سالفة الذِكر، لكن بعض الطيور قاطنة القسم الشمالي الأكثر برودةً تنتقلُ جنوبًا خلال فصل الشتاء. هذه الطيور من أكثر الأنواع شيوعًا في جنوب الولايات المتحدة، وقد أُدخلت إلى هاواي حيث أصبحت من الطيور الشائعة أيضًا، كما أفادت بعض التقارير بوجودها في جنوب شرق ألاسكا، وأشارت أخرى إلى ثلاث طيور منها شردت حتى وصلت بريطانيا، على أنَّ واحدًا منها يؤكَّد أنَّه طائرُ أقفاصٍ هارب.
الغذاء المُحاكي الشمالي طائرٌ قارت (آكل لكل شيء)، يتألَّف غذائه من مفصليَّات الأرجل، وديدان الأرض، والعوزات، والفاكهة، والبزور، والسحالي في أحيانٍ قليلة. تروي المُحاكيات الشماليَّة عطشها من البرك، وأطراف الأنهار والبحيرات، أو من قطرات الأمطار والندى المُتجمِّعة على النباتات. شوهدت بعض الأفراد البالغة من هذه الطيور وهي تمتص النسغ من شقوق الأشجار حديثة التقليم. تتكوَّن حميتها من الطرائد الحيوانيَّة بشكلٍ رئيسيّ خلال موسم التفريخ، ثم تتحوَّل إلى الثمار خلال فصليّ الخريف والشتاء. ربط العلماء بين ولع الطيور بالثمار خلال فصل الشتاء بتوسّع نطاق موطنها ونطاق موطن وردة الشقيقات السبع (Rosa multiflora) التي تُحبّذ الطيور ثمرتها.
تسعى هذه الطيور وراء غذائها على الأرض أو بين النباتات؛ كما تهبطُ من مجثمها انقضاضًا لتُمسك بطعامها. تُقدم المُحاكيات على بسط جناحيها أثناء بحثها عن الطعام، في صورةٍ غريبة مكوَّنة من خطوتين، تهدف من خلالها إلى إظهار البقعتين بيضاء اللون. وقد ذهب عُلماء الطير إلى أنَّ هذا السلوك رُبَّما كان طريقة لإجفال الفرائس المُمكنة وإخراجها من مخابئها، بينما قال آخرون أنه يُحتمل أن يكون عرضًا مناطقيًّا فحسب.
التفريخ يبدأُ التفريخ مُبكرًا في مُنتصف شهر فبراير، حيث تقوم الذكور بالسيطرة على حوزٍ خاص بها. يُطاردُ الذكر المُسيطر أوَّل أنثى تدخل حوزه ويُناديها بعدائيَّة، فإن اهتمت به ردَّت عليه بنداءات أكثر رقَّة، وما أن يرتبط الطائران حتى يُصبح تغريدهما أكثر جمالًا. تميل المُحاكيات الشماليَّة لأن تكون أحاديَّة الشريك، وقد تعود الأنثى إلى نفس الذكر من موسم التفريخ الفائت.
يشترك كُلٌّ من الذكر والأنثى في بناء العش. يقوم الذكر بمعظم العمل، بينما تجثم أليفته على الشجرة أو الجَنَبة حيث يتم إنشاء العش، وتنذره من اقتراب أي ضارٍ. يعلو العش ما بين ثلاثة وعشرة أقدام عن الأرض في العادة، وهو عِبارة عن كأسٍ مفتوحة، مُكونة في الخارج من الغُصينات، ومُبطنة بالحشائش الناعمة، والجُذيرات، وأوراق الأشجار اليابسة، ووَبر النباتات. وكثيرًا ما يُدمج في العُش قطعٌ من الخُيوط والقطن واللدائن (الپلاستيك) والشَّعر. ويكونُ العش مخفيًّا على نحو جيِّد في جَنبة أو بين الأغصان الواطئة لشجرة على مقربة من المساكن البشريَّة في أكثر الحالات. البيوض زرقاء فاتحة أو مُخضرَّة، ومُبرقشة. تضع الأنثى ما بين ثلاث إلى خمس بيضات، وترخمها لما يقرب من أسبوعين، وبعد أن تفقس الفراخ يتولَّى كلا الأبوين إطعامها.
تُدافعُ الطيور عن أعشاشها والمنطقة المحيطة بها بشراسة ضدَّ أي مُحاكي أو حيوان آخر. وبحال كان المُفترس مُثابر ومُصر على الاقتراب، يُنادي الزوجان الأزواج الأخرى المُعششة على مقربةٍ منها بنداءٍ مُميَّز، فتشترك الطيور كلها في مهاجمة المُفترس حتى يعدل عن مراده ويذهب في سبيله. وفي بعض الأحيان تتجمع طيورٌ أخرى لتُراقب المُحاكيات وهي تطرد المُفترس. يُعرفُ عن هذه الطيور أنها تُهاجم القطط المُستأنسة عندما تقترب من منطقة تعشيشها، والكلاب أيضًا، بل حتَّى البشر، كما أنها مُستعدة لتُهاجم طيورًا مُفترسة أخرى من شاكلة البيزان. من أبرز الأحداث التي هاجمت فيها هذه الطيور البشر، حادثة وقعت في مدينة تولسا بولاية أوكلاهوما، وفي تفاصيلها أنَّ ساعي بريد اقترب كثيرًا من إحدى الأعشاش وتعرَّض للنقر مرَّات عدَّة، فاضطرَّت البلديَّة إلى توزيع بيانات خطيَّة تُحذِّرُ فيها السُكَّان من الاقتراب من أماكن تفريخ المُحاكيات
تعتمد الفراخ على أبويها طيلة أسبوعين على الأكثر، أي طيلة الفترة التي يتطلبها اكتسائها بالريش. وما أن يكتسي الفرخ بالريش كُليًّا، فسوف يقفزُ من العُش إلى الأرض أو إلى غصنٍ مُجاور. وما أن يُصبح قادرًا على الطيران حتى يستغني عن عناية والديه ويسعى وراء غذائه بنفسه.
السلوك الاجتماعي المُحاكيات الشماليَّة طيورٌ اجتماعيَّة للغاية، ويُمكنُ للمرء أن يُشاهد الفراخ الحثَّة منها وهي تلهو وتلعب بعضها أو مع أنوعٍ أخرى من الطيور حتى. كما أنَّ الطيور التي أُسرت في صغرها ونشأت مع البشر سُرعان ما تسعى للعلب مع مُربيها ما أن تعتاد عليهم. أغلب البوالغ تميل لأن تبقى وحدها مُعظم أوقات السنة، غير أنَّ بعضها الآخر "يعتني" بفراخ مُحاكيات أخرى أن عثر عليها وحيدةً في العش، فيجثم على مقربةٍ منها ولا يُغادر إلاّ عند حضور أحد الأبوين، وفي أحيان قليلة يجثم إلى جانب العش. على الرغم من كُل ذلك تُبدي هذه الطيور عدائيَّة تجاه أفراد من بني جنسها بين الحين والآخر، خاصَّةً عندما تتنازع على طريدة مُعينة.
الأصوات والنداءات يتربَّعُ المُحاكي الشمالي على عرش الطيور المُقلِّدة في أمريكا الشماليَّة دون أن يكون له مُنازع على ذلك، على الرغم من وجود أنواع أخرى كثيرة تُقلِّد نداءات غيرها من الطيور، عبر تلك القارَّة الشاسعة. وبالإضافة إلى الطيور الأخرى، تُقلِّدُ المُحاكيات الشماليَّة أصوات أنواعٍ أخرى من الحيوانات مثل الثدييات وأصوات الآلات مثل صفَّارات إنذار السيَّارات. تبدو هذه الأصوات مُطابقة لأصوات الطيور الأخرى بالنسبة للبشر، لكنها غالبًا لا تخدع أصحاب الصوت الأصلي، مثل قيق الآجام الفلوريدي (Aphelocoma coerulescens).
يظهر أنَّ تقليد المُحاكي الذكر لأصواتٍ أخرى يهدف إلى زيادة ذخيرته من النداءات الهادفة إلى استقطاب شريكة، فترتفع بهذا نسبة استقطابه لإحداها. كذلك يُحتمل أن تكون هذه الطائفة الواسعة من النداءات تهدف إلى طرد أكبر عددٍ مُمكن من أنواع الطيور المُنافسة على الغذاء والموئل. تُقلِّدُ هذه الطيور جزءًا يسيرًا من أصوات الأنواع الأخرى وتكرره عدَّة مرَّات قبل أن تنتقل إلى صوتٍ جديد. وبناءً على هذا فإنَّ السامع من البشر يبدو له أنَّ الطائر يُقلِّدُ نوعًا مُعينًا أفضل من النوع الآخر. بعض الأنواع ذات التغريد القصير المُكرر، من شاكلة نِمنمة كارولينا، يستطيعُ المُحاكي تقليدها بسهولةٍ فائقة، أمَّا الأخرى ذات التغريدات الأطول والأكثر تعقيدًا، مثل العُصفور الدوري المُغرِّد، فلا تستطيع المُحاكيات تقليدها بفعاليَّة.
إلى جانب كونها مُقلِّدةٌ بارعة، تُعدُّ المُحاكيات الشماليَّة إحدى أكثر الطيور صُخبًا. وكثيرًا ما يُمكنُ سماعها وهي تُغرِّدُ أثناء الليالي المُقمرة، وبالأخص الذكور العازبة منها التي تُحاول اجتذاب أنثى. تُغرِّدُ هذه الطيور طيلة فصول السنة دون تمييز، ما عدا أواخر الصيف، أي تلك الفترة التي تطرح ريشها أثنائها. تُردد الذكور البالغة ما بين 50 و200 تغريدة، كما يُمكن للإناث أن تُغرِّد، لكن بدرجةٍ أقل من الذكور بكثير. أعلى تغريدٌ لهذه الطيور يُمكن سماعه عند الشفق، عندما يكون شروق الشمس مستهلًا.
يستخدمُ المُحاكي الشماليّ عدد من الأصوات، إلى جانب تغريدته المألوفة، للتواصل مع غيره من بني جنسه في سبيل الإشارة إلى معلومات مُعينة. وكما هو حالُ تغريده، فإنَّ هذه الأصوات هي إحدى أكثر الأصوات حدَّةً وارتفاعًا التي يُصدرها طائرٌ بحجمه. تُصدر المُحاكيات ضجيجًا خشنًا مٌرتفعًا أثناء مُطاردتها طيورٌ أخرى في مُحاولةٍ لطردها خارج حدود حوزها. كذلك هُناك صوتٌ آخر مُشابه تُصدره حين تُدافع عن نفسها أو أعشاشها ضد مُفترسٍ مُعيَّن من شاكلة البيزان أو الصقور. من الأصوات الأخرى التي تُصدرها: الصفير، ونغمةٌ "حلقيَّة" مُميزة، وسلسلةٌ حادَّة جدًّا من النغمات "المُرتفعة المُنخفضة" والتي تُكررها مرتين.
الذكاء اكتشف الباحثون في سنة 2009 أن زوجان من المُحاكي الشمالي تعرَّفا على أحد الأشخاص المُشاركين في التجربة الذي كان قد تظاهر في بدايتها بالتعرُّض لعش الطائرين، وذلك بأن اقترب ولمسه، فيما لم يفعل أيٌ من الباحثين الموجودين في الغرفة أي شيء. وما أن عاد بعد فترة واقترب من العش حتّى استعدت الطيور لمواجته، في حين لم تكن تتصرف على هذا النحو طيلة الفترة التي غاب فيها، على الرغم من رؤيتها الباحثين بالقرب من قفصها بشكلٍ يومي.
في الثقافة الإنسانيَّة اتخذت خمس ولايات أمريكيَّة هذا الطائر شعارٌ لها، وهي: أركنساس، وفلوريدا، والميسيسيپي، وتينيسي وتكساس. تظهرُ هذه الطيور في عنوان رواية أن تقتل عصفورًا مُحاكيًا، من تأليف هارپر لي. وفي هذه الرواية صُوِّرت المُحاكيات على أنها كائناتٌ بريئة وكريمة، واعتبرت شخصيتان رئيسيتان فيها، هما أتيكوس فينش والآنسة مودي، أن قتل إحدى هذه الطيور يُعتبر خطيئة كونها "لا تفعلُ لنا شيئًا سوى إطرابنا بتغريدها. فهي لا تأكلُ من حدائق الناس، ولا تُعشش في حقول الذرة، ولا تفعلُ شيئًا سوى إرهاق نفسها بالغناء لأجلنا". ذُكرت المُحاكيات الشماليَّة في تهليلةٍ أمريكيَّة شهيرة هي "Hush Little Baby"، وقد سُجِّلت في عدَّة أنماط موسيقيَّة. وتُشير الكلمات إلى المُحاكيات الشماليَّة بصفتها طيور أقفاص مألوفة في ذلك الوقت، وتبدأ على هذا الشكل:
Hush little baby, don't say a word, Mama's gonna buy you a mockingbird. And if that mockingbird don't sing, Mama's gonna buy you a diamond ring.
من الأغاني الأمريكيَّة الفلكلوريَّة أغنية تحمل عنوان "استمع إلى المحاكي" (بالإنگليزية: Listen to the Mocking Bird). كان الرئيس الأمريكي طوماس جفرسون يمتلكُ مُحاكيًا أليفًا دعاه "ديك". يُحتمل أن يكون المُحاكي الشمالي هو الطائر موضوع العمل الكورسي الخاص بفريدريك دليوس، حامل عنوان 'إنجراف البحر' (بالإنگليزية: Sea Drift). وهو عملٌ درامي مأساوي يصف صبيًّا يُراقب زوجٌ من الطيور في العش ويعي أن الذكر وحيد، بانتظار عودة قرينته. صوت طائر المحاكي الشمالي