حيوان الأرويّة
الاسم العلمي Ovis orientalis
الأرويّة هو حيوان ثديي عاشب من الخرفان البرية والتي تنتمي إلى مجموعة الظباء الماعزية، ويعتقد بأنه أحد النوعين الذي نشأت منهما الخرفان الأليفة، وتعتبر الأروية إحدى جمهرات الخروف البري حيث تقسم تلك الأخيرة إلى الجمهرة الشرقية أو الأروية وإلى جمهرة الأريل يكون لون هذه الحيوانات خمري على القسم العلوي من الجسد وتمتلك خطا أسود على الظهر، أما القسم السفلي فيكون أبيض كما البقعة الباهتة على سرجها. ولذكور هذا النوع قرون ضخمة ملتوية أما الإناث فجمّاء أي لا قرون لها (عند هذه الجمهرة)، ويبلغ ارتفاع هذه الحيوانات عند الكتفين حوالي 90 سنتيمترا، وتصل الذكور في زنتها إلى 50 كيلوغراما والإناث إلى 35 كيلوغراما.
نشأت هذه الحيوانات وإستؤنست في جنوب غرب آسيا في فلسطين ولبنان وسوريا، أي المنطقة التي تقطنها جمهرة الأرويّة الآسيوية أو الأرويّة الشرقيّة. أدخلت الأرويّة إلى جزر كورسيكا وسردينيا وقبرص ورودس خلال العصر الحديدي كحيوانات داجنة على الأرجح، ومن ثم تحولت إلى الوحشية وعاشت في المناطق الجبلية الداخليّة لهذه الجزر على مدى آلاف السنين مما أدى إلى نشوء السلالة الأوروبيّة أو الأرويّة الأوروبيّة. تعتبر الأرويّة نادرة اليوم في تلك الجزر بحسب الإتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة إلا أنها أدخلت بنجاح إلى جزر لاناي وهاواي خلال الستينات بالإضافة إلى أوروبة الوسطى بما فيها ألمانيا، النمسا، هولندا، جمهورية التشيك، سلوفاكيا، هنغاريا، بلغاريا ورومانيا بل حتى إلى بعض دول أوروبة الشمالية مثل فنلندا.
و منذ ثمانينات القرن العشرين، تم إدخال الأرويّة بنجاح إلى مزارع الطرائد في الولايات المتحدة لغرض الصيد إلا أن العثور على حيوانات نقيّة في تلك الأمكنة يعتبر صعبا لأنها تزوّج مع أنواع وسلالات مختلفة من الخراف البرّية والمستأنسة على حد سواء من شاكلة خروف باربادوس، الخروف الكورسيكي، خروف الصحراء المزوق، دال تكساس، والخروف المتعدد القرون أو خروف يعقوب. وبالنتيجة فإن أوروبة وآسيا الصغرى وفلسطين (بعد إعادة إدخال النوع إليها وانقراضه في الدول المجاورة عدا العراق) هي المناطق الوحيدة التي يمكن فيها العثور على حيوانات نقيّة من هذه الحيوانات.
تصنّف الأروية على أنها من الحيوانات المعرضة للانقراض بدرجة متدنية، كما جاء في القائمة الحمراء للإتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة لعام 2007. تعتبر الخواص الأحيائية الخاصة بهذه الخراف معقدة، فليس هناك من توافق بين الأراء حول عدد أنواع وسلالات الخرفان البرية، فالكثير من العلماء يصنّفون نوعين من الخراف البرية هي الأروية والأريل الذين ينقسمان بدورهما إلى عدة سلالات ، إلا أنه وفقا للائحة الإتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة الحالية فإن الأروية تعد نوعا واحدة دون أن تقسم إلى جمهرتين. يتسبب هذا التصنيف الغير واضح بالعديد من المشاكل المتعلقة بالحفاظ على هذا النوع، إذ أن الأفراد غالبا ما يكون من الصعب تحديد إل أي جمهرة تنتمي، كما أن التهجين بين الجمهرتين يتم بشكل طبيعي في البرية
الوصف والعادات
تمتلك ذكور هذه الخراف البرية الفائقة الاحتراس قرونا ضخمة لولبيّة الشكل، والتي تشكل جائزة كبرى بالنسبة لصيادي الطرائد. وتمتلك إناث معظم السلالات قرونا، إلا أنها تبقى أصغر بكثير من قرون الذكور، وفي بعض الجمهرات لا تنمو لمعظم الإناث أو لكل الإناث حتى أية قرون. يختلف المظهر الخارجي للسلالات المختلفة بشكل قليل؛ كما ويختلف لون الشعر لدى هذه الحيوانات باختلاف الفصول، ويكون لون الوجه ضارب إلى الرمادي إجمالا بينما يكون كل من الخطم وفتحات الأنف بالإضافة لداخل الأذنين بيضاء اللون. للأروية قوائم طويلة نحيلة ذات خط أسود عمودي تحت ركبتيها، بالإضافة لقسم سفليّ أبيض ومعطف يتراوح لونه من الرمادي إلى الأحمر المظلل، والبني إلى البني الداكن. تكون ذكور الأروية الأوروبية كستنائية داكنة في لونها، بينما تكون إناثها سمراء.
ينمو للذكور البالغة (الأكباش) خصل شعر طويلة خشنة بيضاء اللون على حلقها، يتحول لونها تدريجيّا إلى الأسود عندما تصل إلى القوائم الأمامية، وفي معظم سلالات الأروية يكون للذكور بقعة باهتة اللون على سرجها تكبر ويزيد حجمها عندما يتقدم الحيوان بالسن بالإضافة لخط أسود يمتد من منتصف العنق إلى القسم السفلي وصولا إلى خلفيّة القوائم الخلفية. تمتلك هذه الحيوانات غدد كبيرة تحت العينين تفرز مادة دبقة تقوم بتلبيد الشعر غالبا.
ترعى الأروية خلال فترة الصباح الباكر والمساء، وتستريح خلال النهار تحت الأجام المتدلية أو الصخور الكبيرة التي تبقيها مخفية عن الأنظار؛ وتعتبر هذه الحيوانات اجتماعية حيث تؤلّف قطعانا غير مناطقيّة، أي أنها لا تقطن منطقة واحدة تدافع عنها ضد غيرها من القطعان، تنتقل من مكان إلى أخر راعيةً الأعشاب عدا الأوقات التي يكون فيها الغذاء نادر حيث تتحول لأكل أوراق الأشجار والفاكهة. للأروية حواس حادة جدا تعتمد عليها لتحديد الخطر الداهم والفرار منه، ومن أهم الضواري التي تفترس الأروية: النمور، الذئاب الرمادية، وبنات آوى الذهبية. يبلغ أمد حياة الفرد من هذه الحيوانات ما بين ثمانية وعشرة سنوات للذكور، وعشرة إلى إثني عشر سنة للإناث، وتصل الأروية إلى النضوج الجنسي عندما تبلغ حوالي سنتين أو ثلاثة سنين على أنه بالنسبة للجمهرات التي تتعرض لضغوط أقل من ناحية الصيد، فإن الذكور قد لا تتزاوج قبل أن تبلغ أربع سنوات. تلد الأنثى غالبا حملا واحدا (توائم في بعض الأحيان) بعد فترة حمل تمتد ما بين خمسة إلى ستة أشهر.
الانتشار
الموطن
يشمل الموطن الحالي للأروية القوقاز، شمالي العراق، وشمال غربي إيران. وكان موطن هذا النوع يمتد في السابق إلى الأناضول، في شبه جزيرة القرم والبلقان، بالإضافة لجنوب غرب آسيا حيث إنقرض منذ حوالي 3000 سنة. كما وكانت الأروية تتواجد في العديد دول آسيا الوسطى حيث كانت باكستان تشكل الحدود الشرقية الطبيعية لها. تتواجد السلالات المختلفة للأروية عبر هذه المنطقة بالكامل إلا أن البعض منها مقصور في وجوده على مناطق معينة من شاكلة الأروية الأصفهانية وأروية لاريستان التين تعيشان فقط في إيران، وأريال لاداخ الذي يوجد في باكستان والهند فقط.
كما وتتواجد جمهرات متعددة لهذه الحيوانات في العديد من دول حوض البحر المتوسط، ويُعتقد بأن هذه الجمهرات تعود في أصلها إلى حيوانات قام البشر بإدخالها إلى تلك البلاد خلال القرون القليلة الماضية، حيث تأصلت من كورسيكا وسردينيا. يعتبر البعض بأن الأروية في هذه البلدان تتحدر جميعها من خرفان مستأنسة أدخلت إليها كطريدة غريبة.
المسكن
تقطن الأروية المناطق الجبلية غالبا سواء كانت في أراض عشبية أو صحاري، وقد تم إدخالها إلى المناطق الغابوية في أوروبة. تتواجد الأروية حتى علوّ 3000 متر فوق مستوى البحر وتفضّل المنحدرات الأقل وعورة من سلاسل الجبال المرتفعة ذات الدق الشجري المناسب للتغطية، وتلجأ إلى المناطق الوعرة للاحتماء من الضواري.
السلالات
هناك خلاف بين العلماء حول التصنيف العلمي للأروية[14]، وبالتالي فهناك خلاف حول عدد السلالات، إلا أن مُؤلّف "فصائل الثدييات في العالم" (بالإنكليزية: Mammal Species of the World) كما الموقع الإلكتروني الذي يحمل نفس الاسم يضع خمسة سلالات لهذا النوع يُضاف إليها الخروف المستأنس:
الأروية الأوروبية
* الأروية الأوروبية: (السلالة الأوروبية، Ovis orientalis musimon) ظهرت هذه السلالة لأول مرة منذ حوالي 7000 سنة في كورسيكا وسردينيا، ومن ثم تم إدخالها إلى العديد من الدول والمناطق في أوروبة لتشجيع رياضة الصيد في أغلب الأحيان. وُصفت لأول مرو بأسلوب علمي عام1811.
* الأروية القبرصية: (السلالة القبرصية، Ovis orientalis ophion) كانت هذه السلالة تشارف على الانقراض خلال القرن العشرين، وفي عام 1997 تمّ إحصاء حوالي 1,200 رأسا من هذه السلالة. وُصفت عام 1841.
* الأروية الأرمنية: (السلالة الأرمنية، السلالة الشرقية، Ovis orientalis orientalis) تعرف هذه السلالة باسم الخروف البري الأحمر أيضا، وهي تتواجد في القوقاز، شمال غرب إيران، وجنوب الأناضول. إن التصنيف العلمي غير واضح لهذه السلالة، فهي أحيانا تعطى الاسم العلمي Ovis orientalis orientalis، وأحيانا أخرى تعطى اسما علميا يعزى إلى مصنفها "غملين" Ovis orientalis gmelini. وُصفت عام 1774.
* أروية أصفهان: (السلالة الأصفهانية، Ovis orientalis isphahanica) مقصورة على جبال زاغروس في إيران. تم وصفها عام 1910.
* أروية لاريستان: (السلالة اللاريستانية، (Ovis orientalis laristanica ) من السلالات الصغيرة الحجم، مقصورة على بعض المحميّات الصحراوية بالقرب من مدينة لار في جنوبي إيران. وُصفت عام 1909.
موور القلاع الحلوب، إحدى السلالات البدائية من الغنم المستأنسة، والتي تظهر شبها كبيرا بالأروية
* الخروف المستأنس ( Ovis orientalis aries ): تعتبر جميع الخرفان المستأنسة، على اختلاف سلالاتها، أنها متحدرة من الأروية حيث يلاحظ خصوصا لدى السلالات البدائية شبها كبيرا بأسلافها. وُصفت عام 1785.
هناك البعض الأخر من العلماء الذين يضعون سلالات أخرى تضاف إلى هذه السلالات مثل: الأروية الأناضولية، الأروية الأفغانية، أريل لاداخ، وغيرها.
تمّ استنساخ أرويّة بنجاح في أوائل عام 2001 وعاشت سبعة أشهر على الأقل مما جعلها أول مستنسخ عن حيوان معرّض للانقراض يعيش لفترة ما بعد الرضاعة. وهذا يدل على أنه يمكن لنوع حيوانات شائع (نعجة مستأنسة في هذه الحالة) أن يكون والدا بديلا، ويحمل بحيوان مختلف وهو في هذه الحالة الأرويّة. ويقول الخبراء، الذين لا يزالون يختلفون حول التصنيف العلمي للأروية، بأنه بحال إستطاعوا الاستمرار باستنساخ الأرويّة بشكل ناجح فإن هذا يمكنه أن يزيد من التنوع الجيني لهذه الحيوانات ويقلل من فرص العقم لدى الأفراد الموجودة حاليا.
المخاطر والحفاظ على النوع
من المخاطر الكبرى التي تؤثر على الأروية إتساع رقعة الأراضي المزروعة، مما يتسبب بتصغير حجم الجمهرة وتشتيتها إلى مجموعات صغيرة متفرقة، وقد أدى الرعي الجائر للخراف المستأنسة في مسكن هذه الحيوانات إلى احتتاته وتعريته من الغطاء النباتي مما تسبب بتقليص الأماكن الملائمة لسكن هذه الخرفان. وفي بعض السلالات (وفقا لرأي بعض العلماء) التي تتفادى بطبيعتها المناطق الجبلية مثل الأروية الأفغانية وتلجأ إلى المروج، فإن هذا الأمر وضعها في منافسة مباشرة مع الماشية المستأنسة. وبالإضافة لذلك فإن الضغط الناجم عن الصيد يؤدي إلى تجزئة الجمهرات وتفرقتها عن بعضها أيضا؛ كما أن الأمراض المعدية والطفليّات الصادرة من المواشي الأليفة، وبشكل خاص الخراف، تعتبر خطرا رئيسيّا في الكثير من المناطق. تًصاد الأكباش البالغة للحصول على قرونها التي يقدرها الصيادون كثيرا، كما وتؤخذ الحملان في بعض الأحيان عند ولادتها للاحتفاظ بها كحيوانات أليفة
تمّ توثيق القليل من برامج الحفاظ على هذا النوع، إلا أنه لا يُعرف مدى نجاحها. تٌوضع ثلاثة من سلالات الأروية في قائمة الحيوانات التي يحظر الإتجار بها دوليّا وفقا للاتفاقية الدولية لحظر الإتجار بالأنواع المهددة بالانقراض (CITES)، إلا أنه لا يزال يسمح بالتجارة الداخلية بهذا النوع ولا يزال القنص يشكل مشكلة كبيرة. قامت حكومة بنجاب في باكستان بإقامة 12 منطقة محميّة تدخل في نطاق موطن الأروية، كما وأنشأت محميّة طرائد واحدة تديرها المحافظة، إلا أن تطبيق القوانين التي تمنع الصيد لا يزال ضعيفا، وليس هناك من منع لرعي الماشية بداخل أي من تلك المناطق.. يفترض البعض أن الحماية الشاملة للأروية في بعض المناطق قد تكون الحل الأمثل، إلا أن ذلك لا يبدو معقولا في الكثير من المناطق بسبب أنها إما مأهولة أو تستعمل كمراعي، ويُعتقد أنه من دون بذل مجهود للحماية الشاملة فإن أعداد هذه الخرفان البرية ستستمر بالتراجع وستختفي العديد من السلالات
معلومات أخرى
تظهر الأروية على شعار الطيران القبرصي، بالإضافة لنقود اليورو المعدنية القبرصيّة من فئة 1 ،2، و 5 سنتات[1]. يدعو الصحافي غريغ إيستربروك فريق "سانت لويس رامز" (بالإنكليزية: St. Louis Rams) "بالأرويات" غالبا، وذلك في مقالاته المسمّاة "الظهير الرباعي لصباح الثلاثاء" خلال موسم كرة القدم الأميركية (NFL)، وذلك لأن قرون هذا الحيوان اللولبية غالبا ما تعتبر في التمثيلات الإنسانية المختلفة على أنها قرون كبش.
.