الأَسَـــدُ حيوان قوي ضخم، من أشهر حيوانات فصيلةالسنوريات. يخاف الناس من زئير الأسد المدوِّي، ولكنهم يعجبون بقوته ومظهره المَهِيب. يُعْرف الأسد بملِك الحيوانات وهو رمز للجمال والقوة.
يستطيع الأسد العيش في الأجواء الباردة والحرارة الشديدة، في المناطق الحضرية والسهول العشبية ومناطق الشجيرات الشوكية. تعيش الأسود حيث تجد غذاءها مثل الغزال ووحيد القرن وحمار الوحش والحيوانات ذوات الحوافر وكذلك في الأماكن التي تتوافر فيها مياه الشرب.
عاشت الأسود في العصور السابقة في أوروبا والشرق الأوسط والهند وكثير من مناطق القارة الإفريقية، إلا أن الإنسان قام بقتل الآلاف منها في هذه المناطق من أجل استخدامها أماكن استقرار جديدة. ونتيجة لذلك اختفت من الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا. وفي الوقت الحاضر يوجد 200 أسد تعيش في آسيا معظمها في غابة في الهند. ومازالت بعض الأسود موجودة في المناطق الشرقية لوسط إفريقيا وكذلك في إفريقيا الجنوبية حيث يوجد معظمها في الحدائق الوطنية وفي مناطق تعرف بالمحميَّات حيث تتم حماية الحيوانات من الصيد.
تعيش مئات الأسود أيضًا في الأُسْرِ في حدائق الحيوان في أنحاء العالم، كما تُستخدم الأسود المدرّبة ذات الأداء البارع في السّيرك.
جسم الأسد
يعتبر كل من الأسد والنَّمِر من أضخم حيوانات الفصيلة السِّنَّوْرِيَّة. وتركيبة جسم الأسد مهيأة لتمنحه القوة أكثر من السرعة. يزن الذكر مابين 160 و180كجم، وبعضها يزن حتى 230كجم. يبلغ طول معظم الذكور حوالي ثلاثة أمتار من قمة الأنف حتى طرف الذيل، بينما يبلغ ارتفاعها عند الذراع حوالي متر واحد. واللبؤة (الأنثى) أصغر من الذكر وتزن حوالي 110 إلى 140كجم، وأقصر من الذكر بحوالي 30سم.
وذكور الأُسُود هي الحيوانات الوحيدة في فصيلة السنوريات التي لها لِبْدَة، وهي شعر كثيف يغطي الرأس باستثناء الوجه، وكذلك الرقبة والأذرع والصدر. وتكسب اللبدة ذكر الأسود مظهر الضخامة والقوة ربما بأكثر من حقيقته. كما تساعد اللِّبْدَة في حماية الأسد أثناء العراك، إضافة إلى أن شعره الطويل الكثيف يبعث الخوف في نفوس أعدائه. وللذكور الصغيرة عندما تكون في عمر سنة واحدة شعر قصير حول الرأس. وتبقى اللبدة غير مكتملة حتى يبلغ الأسد الخامسة من عمره. وقد يكون لون شعر اللبدة أشقر أو بنيّاً أو أسود والغالبية لها خليط من هذه الألوان. ويزداد عمق هذه الألوان مع مرور الزمن.
يعتبر فرو الأسود نموذجيًا للاختباء، حيث لونه الأصفر البني يشبه لون الأعشاب اليابسة باستثناء الشعر خلف الأذنين. وخصلة الشعر على طرف الذيل سوداء اللون. كما للأشبال (صغار الأسود) بقع على فرائها.
تمتاز أطراف الأسد الأمامية بعضلاتها حيث تكسب الأسد القوة للانقضاض على الفريسة بطرحها أرضًا. وكفوف الأسد ضخمة بها مخالب معقوفة تساعد على الإمساك بالفريسة والتعلق بها. وفي الأوقات التي لا يلزم فيها استخدام المخالب فإنه يتم إرجاعها إلى داخل غشاء بالكف، وهذا من شأنه المحافظة على إبقاء المخالب حادة.
وللأسد 30 سنًا، وتستخدم الأنياب الأربعة الكبيرة المدببة في الإمساك بالفريسة وقتلها وتمزيق لحمها. أما أسنان الفك، التي تسمّى أيضًا القواطع، فتقوم بقطع الجلد وقطع الأوتار التي تربط عضلات لحم الفريسة بعظامها. ولا يملك الأسد أسنانًا مناسبة للمضغ ولذلك يبلع الطعام على هيئة كتل كبيرة.
يوجد العديد من نويعات الأسود. وللأسد الآسيوي فرو كثيف وشعر أكثر بروزًا على بطنه مقارنة بالأسد الإفريقي. وكذلك فإن خُصلة الشعر على نهاية ذيله أكبر وطوقه أصغر.
حياة الأسد
يعتبر الأسد أكثر حيوانات الفصيلة السنورية حبًا لحياة الجماعة. وقد يتراوح عدد القطيع بين 10 و20 أسدًا، وأحيانًا يصل العدد حتى 35. ويوجد في كل قطيع حوالي خمسة ذكور مكتملة النمو وعدد من اللبؤات والأشبال. وربما لا تبقى أفراد القطيع بعضها مع بعض بشكل دائم، فقد تصطاد بعض أسود القطيع في مكان ما وتبقى بقية القطيع في مكان آخر. وعندما يلتئم الشمل مرة أخرى يتبادل أفراده التحية عن طريق مسح الخدود.
والحياة بين قطيع الأسود الواحد آمنة. وتقضي الأسود حوالي 20 ساعة في النوم والراحة. وتلاحق الأشبال بعضها بعضًا وتتصارع من أجل التدريب واكتساب مهارات تحتاجها في حياتها عند اكتمال النمو.
وتنفض اللبؤة في بعض الأحيان ذيلها، بينما يحاول أحد الأشبال الإمساك بخصلة الشعر من طرفها، وتتغذى الأشبال بالرضاعة من أي لبؤة في القطيع، وليس بالضرورة أن تكون أمهاتها.
تسير الأسود في العادة حوالي ثمانية كيلومترات في اليوم، وإذا تناولت وجبة كبيرة فإنها تخلد للراحة لمدة 24 ساعة. وعندما تشعر بالجوع فإنها قد تمشي حتى 24كم بحثًا عن الغذاء.
العادات. يعيش كل قطيع من الأُسود في منطقة محدودة يتوافر فيها الغذاء والماء. وتعتمد مساحة هذه المنطقة على مدى وفرة الفرائس فيها. فإذا كانت الفرائس وفيرة فقد تصل مساحتها حتى 40كم²، وإذا كانت الفرائس قليلة نادرة فقد تصل مساحة هذه المنطقة حتى 260كم².
ولاتسمح الأسود للحيوانات الغريبة بالاصطياد في مناطقها. وتقوم بوساطة نشر خليط من البول والرائحة على الشجيرات بتذكير الدخلاء أن هذه المنطقة مأهولة وأن تجاهل هذا التحذير قد يكون قاتلاً.
ويمكث أفراد القطيع في أسرة واحدة عدة سنوات. وقد يحدث تغيير من وقت لآخر. ويطرد الآباء جميع الذكور الشابة من منطقة القطيع وذلك عندما تبلغ أعمارها ما بين سنتين وثلاث سنوات، وتهيم بعد ذلك هذه الأشبال حتى تصل سن اكتمال النمو. وعندها تتحدى ذكور القطيع؛ فإذا كسبت التحدي فإنها ربما تحكم منطقة القطيع بما تحتويه من لبؤات، وعندما تتسلم أسود جدد زمام أمر القطيع فإنها تقتل بعض الأشبال التي تنحدر من ذكور مهزومة. وتموت الأسود في الأَسْر عند عمر يتراوح بين 20 و25 سنة.
الأشبال. عندما تبلغ اللبؤة تبدأ التزاوج مع ذكور القطيع لدى بلوغها 3 - 4 سنوات، وبعد ثلاثة أشهر ونصف الشهر من النتاج (الحمل) تضع أشبالها في دغل، وتولد الأشبال ضعيفة البنية وعيونها مغلقة، ويزن الواحد منها حوالي 5,كجم. وليس للأسود عرين دائم، وتنقل الأم أشبالها من وقت لآخر من مكان إلى آخر، وتحمل الأشبال بفمها واحدًا كل مرة. وربما تقوم الضباع والفهود والأسود الأخرى بقتل الأشبال أثناء وجود الأم في الصيد بعيدًا عنها. وتتزاوج الأسود مع النمور في الأسر.
تعيش الأشبال في البداية على الحليب، وعندما يبلغ عمرها حوالي شهر ونصف الشهر تقودها الأم إلى جثة حيوان كانت قد قتلته ليكون الوجبة اللحمية الأولى لها. ولا تلد اللبؤة مرة أخرى حتى يصبح عمر الأشبال 18- 24 شهرًا وتصبح قادرة على الصيد بنفسها. وقد تتخلى الأم في بعض الأحيان عن أشبالها. وعندما يصبح الغذاء نادرًا فإن الأم تأكل وتترك أشبالها تجوع. ويبقى على قيد الحياة نصف الأشبال تقريبًا.
كيف يصيد الأسد
تضطر الأسود إلى القتل من أجل أن تعيش. وتفضل الأسود حمار الوحش الضخم وأنواعًا مختلفة من وحيد القرن والجواميس والخنازير البرية. كما أنها تتغذى بالأسماك والسلاحف ودجاج الوادي وأي شيء آخر تصطاده، كذلك تتغذى بالحيوانات التي تنفق (تموت) بسبب المرض، وقد تنزع الفريسة من التشيتا.
يعيش الأسد في بعض الأحيان حياة ولائم وتارة يعيش حياة كفاف وجوع. فربما لا يستطيع الإمساك بفريسة لمدة أسبوع ولكن بالعادة يصطاد شيئًا ليأكله كل ثلاثة إلى أربعة أيام حيث يتخم نفسه بها.
يستطيع الأسد أن يأكل 35كجم من اللحم في وجبة واحدة. يقوم الأسد بسحب الفريسة بعد قتلها إلى مكان ظليل ويمكن لأسد واحد أن يسحب حمارًا وحشيًا يزن 270كجم وهو وزن يصعب سحبه على ستة رجال. ويأكل أفراد القطيع في مجموعات ويصاحب ذلك زمجرة ودمدمة. وكل فرد يحاول الحصول على نصيب كبير من اللحم.
والإمساك بحيوان كبير ليس بالأمر السهل على الأسد حيث إن معظم الحيوانات التي يود افتراسها أسرع منه. تصل السرعة القصوى للأسد إلى 55كم في الساعة، لذلك فإنه يتحتّم على الأسد أن يفاجئ فريسته عن طريق التسلل حيث يتحرك ببطء، ويزحف على الأرض مقتربًا من الفريسة. وعندما يصبح على بعد 15 مترًا فإنه يندفع إلى الأمام ويمسك بردف الفريسة أو طرفها أو رأسها ويطرحها أرضًا، ومن ثم يقبض على حنجرة الضحية بفمه فيخنقها.
يصطاد الأسد في الغالب ليلاً؛ حيث يتمكن من مباغتة فرائسه في الظلام بشكل أسهل. ولقد حباه الله سبحانه وتعالى ما يعينه على القيام بذلك؛ حيث تمكنه عيناه الملونتان من الرؤية في الظلام وكذلك له حاستا سمع وشم قويتان. وفي بعض الأحيان تقوم مجموعة من الأسود بالصيد معًا حيث يكمن بعضها بينما يقوم بعضها الآخر بالإحاطة بالفريسة، ثم يطاردها باتجاه الأسود الكامنة بين الحشائش الطويلة. وفي العادة تترك ذكور الأسود الإناث تقوم بمهمة الاصطياد، ولكنها تقوم بقتل الفريسة بنفسها عندما تجدها، ويتعلم الأشبال الصيد من خلال مراقبة الكبار.
الأُسود والناس
صيد الأسود. عندما تتهيأ الفرصة لاتصال الناس بالأسود فإن الأسد هو الخاسر في هذه العلاقة. لقد قتل الناس الأسود في معظم مناطق آسيا وكثير من مناطق إفريقيا. تقتل الأسود البقر والماعز وبقية حيوانات المزرعة من أجل الغذاء وفي حالات نادرة تقوم بقتل الإنسان، لذلك فإن الناس يقتلون الأسود أحيانًا لحماية أنفسهم وممتلكاتهم.
قام الإنسان لقرون خلت باصطياد الأسود لإظهار شجاعته. وفي حوالي عام 1375 ق.م. قام تحتمس الثالث، فرعون مصر، باصطياد الأسود من على عربة بوساطة القسي والسهام. وقد قتل بهذه الطريقة 102 من الأسود. وحتى وقت قريب كان محاربو قبيلة الماساي في شرق إفريقيا يقومون باصطياد الأسود على أقدامهم.
والأسد الآسيوي مهدد بالانقراض، والأسود الآسيوية هي الوحيدة التي مازالت تعيش في بيئتها الطبيعية في غابات جير بالهند. إلا أن الناس هنالك قاموا أيضًا بتدمير جزء كبير من بيئة الأسود عن طريق قطع الأشجار لاستخدامها وقودًا وفي بناء البيوت. كما أصبحت الغزلان والفرائس الطبيعية نادرة في كثير من المناطق التي تعيش فيها الأسود، مما حدا بها إلى اللجوء لافتراس الحيوانات الأليفة مثل الأبقار. وهذا جعل المزارعين لا يرغبون في وجود الأسود في مناطق زراعتهم.
وتتوفر فرصة أفضل للعيش للأسود الإفريقية، ويوجد في إفريقيا كثير من المحميات التي يمنع فيها صيد الأسود، ولكن يسمح للصائدين بصيد بعضها في مناطق معينة، بعد الحصول على تراخيص خاصة. ويقتنع كثير من الناس في الوقت الحاضر بالتقاط الصور التذكارية للأسود بدلاً من قتلها.
يحاول الأسد تجنُّب الاحتكاك بالناس ونادرًا ما يهاجمهم، إلا إذا ألحقوا به الأذى والألم. فعلى سبيل المثال يستطيع الإنسان أن يقف على بعد 12م من الأسد في غابة جير الهندية؛ حيث نادرًا ما يُلْحقُ الناس هناك الأذى بالأسود. وإذا ما استُفِزَّ الأسد وخاصة إذا جُرح فإنه يتحول إلى عدو شرس.
تدريب الأسود. احتجزت الأسود في الأَسْر منذ قرون. وقد أخذ فرعون مصر رمسيس الثاني أسدًا مدجنًا معه إلى الحرب لاعتقاده بأنه وسيلة للبركة تجلب له الحظ. كما أن القائد اليوناني إيلاجابالوس كان يقود عربة تجرها الأسود.
للأسود المدربة جاذبية محببة بالسيرك ضمن مجموعة الحيوانات البرية. كما يدرب الأسد ليقوم ببعض الحيل. كما أن المظهر العدائي للأسود يجعل منها حيوانات لافتة للنظر.
يبدأ تدريب الأسود وهي في عمر سنتين تقريبًا، ويبقى المدرب بسلام مادام ملتزمًا الحذر ولم يتلذذ بإيذاء الأسد، واضعاً نصب عينيه دائمًا أن الأسد لا يمكن أن يكون حيوانًا داجنًا بشكل كامل. ولكن للأسود أحيانًا قابلية للعدوان، حيث آذت وقتلت بعض المدربِّين أحيانًا.
كان يتم في السابق الإمساك بالأسود في البرية، ثم تحضر إلى حدائق الحيوان والسيرك. وكانت تصاد بالشباك أو الحفر الأرضية، كما يتم أحيانًا انتزاع الأشبال من أمهاتها. وفي الوقت الحاضر يولد عدد كافٍ من الأسود في الأسر للوفاء بحاجة حدائق الحيوانات والسيرك. وتضع بعض اللبؤات في حدائق الحيوان عددًا من الأشبال قد يصل إلى ثلاثة مواليد في السنة.
يتم تدجين أشبال الأسد بسهولة وصحبتها رائعة مادامت صغيرة. وعندما تكبر وتصبح ضخمة قوية فإنها تصبح مصدر خطر بحيث لا يمكن إبقاؤها في البيت.